في حديث جرى قريبًا طُرح سؤالٌ على الطاولة: ” لماذا لا يعمل اليونانيون مثل اليهود، لماذا اليونان ليست مثل إسرائيل؟”. الجواب ليس سهلاً. ربما لأن نقاط تشابهنا كثيرة جدًا، لكن الفروقات بيننا مثيرة. كلانا شعب ذو تاريخ طويل، ونرى أننا شعبان شقيقان. لدينا شتات رائع يتميز في العالم بعطاءاته في المجالات العلمية والأكاديمية والفنية وريادة الأعمال. اليونان وإسرائيل هما كذلك دولتان صغيرتان، لكن لديهما إشعاع عالمي، وأهمية استراتيجية وتأثير أكبر بكثير من حجمهما.

عند هذا الحد تنتهي نقاط التشابه بيننا وتبدأ الفروقات. الشتات اليهودي جرى تنظيمه بطريقة فريدة تسمح له بالتدخل في اللحظات الحرجة بطريقة فعالة، وذلك في الولايات المتحدة وفي دول أخرى. لا تشابه مطلقًا مع الشتات اليوناني، مع بعض الاستثناءات للأسف. إسرائيل أدمجت في يومياتها وثقافتها العملية مفاهيم الدفاع والأمن. لا تشابه مطلقًا مع اليونان. إسرائيل استعملت شتاتها لكي تشكل واحدة من أكثر شبكات الشركات الناشئة قوة وإبداعًا. اليونان لا تزال متأخرة جدًا في هذا القطاع.

السؤال هو لماذا ؟ لسنا أقل ذكاءً، أو إبداعًا أو اعتزازًا. ولا يستطيع أحد أن يعتقد أن أحد المكونات في ال ” دي أن إي” اليهودي هو مختلف بدرجة كبيرة عن مكوناتنا.

فكرت أن الجواب ربما يكمن في أننا لم نشعر أبدًا كأمة بتهديد الفناء. عندما تشعر به فمن البدهي أن تتحور كأمة وتؤقلم تصرفك، تقيم دولتك بشكل مختلف. تصبح جادًا، تخضع الأمور الصغيرة للأمور الكبيرة، تضع أهدافًا، تصبح أمة طامحة.

في تاريخنا شعرنا بمثل هذه التحديات وكنا على قدر المسؤولية. لكن الكوارث جاءت بعد الانتصارات، كما كتب ستاثيس كاليفاس (أكاديمي يوناني).

آخر مرة شعرنا فيها بخطر شديد كانت عام 1974. لكننا بدلاً من أن نصبح جادين تساهلنا. فكرة تعاونٍ بين جامعات وبين القوات المسلحة كانت لعنة. تحرك الشتات ثم نسيناه لاحقًا أو صرنا نعامله كزبون حزبي. سوسة الرشاوي وتسييس كل شيء، ضربت أساسات الدولة. تمّ بناء مسيرات مهنية بكلمات كبيرة، ومرات أخرى بالرشاوى. لم نكن نعطي صورة أمة أو دولة تأخذ بعين الجد تهديدًا ما.

الآن نصبح جادين. وهذا إيجابي جدًا، ولو كنا تأخرنا، ولو كان أمامنا دربٌ طويل لنجتازه إلى أن تزيد نقاط تشابهنا مع الأمة الأخرى التي لا شقيق لها.

 أليكسيس باباخيلاس، مدير صحيفة كاثيميريني (يمين وسط)

ترجمة: أوروبا الآن.

اترك تعليقاً