احتفال ختم القرآن في إحدى قرى الأقلية في شمال اليونان

.

نشرت صحيفة “توفيما” يوم أمس الخميس 9 ديسمبر تقريرًا عن مسألة انتخاب المفتين في منطقة طراقيا الغربية التي تقطنها الأقلية المسلمة التي يقدر عددها بحوالي 200 ألف شخص. واستندت الصحيفة إلى ما قالت إنه مصادر موثوقة مطلعة على الأوضاع، لتوضح الطريقة التي ستتعامل بها السلطات اليونانية مع مسألة انتخاب المفتين في المنطقة في المدة المقبلة. مسألة انتخاب المفتين ولجان الإفتاء هي من المسائل المعقدة التي برزت في تسعينيات القرن الماضي، وأدت إلى وجود ثلاثة مفتين معينين من الدولة اليونانية، مقابل مفتيين اثنين تمّ انتخابهما في مساجد الأقلية، لا تعترف بهما السلطات الرسمية.  يقول التقرير:

.

من المتوقع أن تعود مسألة تغيير طريقة تعيين المفتين في منطقة طراقيا الغربية إلى الواجهة من جديد بعد اكتمال عمل اللجنة الحزبية في البرلمان اليوناني برئاسة وزيرة الخارجية السابقة دورا باكوياني. اللجنة توصلت إلى خلاصة مكونة من 135 صفحة وتحمل عنوان ” الخطة التنموية الاستراتيجية لشرق مقدونيا وطراقيا” وتشمل مقترحات مهمة للغاية ومبادرات للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لتلك المنطقة الحدودية، وفي كثير من الأحيان بدرجة مرهقة لكن نشير إلى عمق وشمولية المقاربة التي قامت بها المجموعة بإشراف السيدة باكوياني. وبعيدًا عن المسائل الاقتصادية، هناك مسائل مؤسسية هامة في طراقيا، وتشمل المفتين والأوقاف والتعليم. الإشارات إلى هذه المسائل محدودة أكثر، لكنها تعطي خطوط توجيه لِما سوف يأتي لاحقًا.

بخصوص المفتين تقول الخلاصة إن ثمة ضرورة لتشكيل “مجلس ذي طابع استشاري خالص” يقترح على وزير التربية أسماء المرشحين الأكثر كفاءة للتعيين في مناصب الإفتاء الثلاثة في منطقة طراقيا الغربية (كسانثي، كوموتيني، ذيذيموتيخو). هناك حاجة واضحة منذ مدة لتحديث القانون 1991/1020.ومن غير المستبعد أن تأخذ المسألة طابعًا أكثر استعجالًا مع القلق الموجود لدى دوائر الحكومة اليونانية (وزارتي الخارجية والتربية، والقصر الحكومي) لما يمكن أن يحدث (بتشجيع من أنقرة) في حال وفاة المفتي المزيف لمدينة كسانثي أحمد متى، الذي يعاني من مرض السرطان، وتشخّص حالته بالخطيرة جدًا.

احتكاك منذ سنوات

مسألة تعيين المفتين تشكل قضية احتكاك بين أثينا وأنقرة مستمرة منذ سنوات، لا سيما بعد 1990. الطرف التركي يضغط لانتخاب المفتين بشكل مباشر ويحاول إحداث مساواة بين مؤسسة الإفتاء وبين مؤسسة البطريرك الأرثوذوكسي المسكوني في اسطنبول، في سعيٍ منه لاستغلال بعض فقرات اتفاقية أثينا لعام 1913 بشأن كبير المفتين. في العشرية الأخيرة، قامت الدولة اليونانية باختبار خطوات نحو مواءمة التشريع مع هدف المشاركة الأوسع للأقلية – بشكل غير مباشر- في تعيين المفتين، لكن مع الأخذ بعين الاعتبار ما ينص عليه الدستور اليوناني كذلك (عدم الانتخاب) وما يجري أيضًا في البلاد الأوروبية الأخرى.

تقول خلاصة اللجنة الحزبية إنه ” من أجل مشاركة أوسع للمؤمنين يُقترح تشكيل مجلس ذي طابع استشاري بحت، تكون تشكيلته متوافقة مع معطيات الحضارة الأوروبية القانونية والدستور، وتضمن أكبر نسبة قبول من الأقلية. ويجب تحديد قوانين ومحددات معينة لتحديد تركيبة أعضائه”. هذه المعادلة صعبة وكثيرة العوامل، كما تقول لصحيفتنا، مصادر حسنة الاطلاع. وبغض النظر عن أنه سيكون هناك منطقيًا لجان استشارية لكل دار إفتاء بشكل منفصل (كسانثي، كوموتيني، ذيذيموتيخو)، فإن مسألة تشكيل تلك اللجان ستكون حاسمةً كذلك. الاستعداد القانوني يجب أن يكون متينًا.

تهيئة الأرضية

على كل حال تجري خلال السنوات الأخيرة تدخلات في مسألة المفتين. بدايةً، كان القانون 2018/4511 تعديلًا مهما بالنسبة لمسألة الصلاحيات القانونية للمفتين، ومع التطبيق الاختياري للشريعة الذي يشكل خطوة مؤسسية هامة وكذلك، كما يُسجل في الخلاصة، ” إن مسائل القانون العائلي والإرث يتم تنظيمها عبر الأحكام المشتركة وتمتلك المحاكم المدنية قرينة الاختصاص”. تلا ذلك القرار الرئاسي 2019/52 بشأن “تشكيل وتنظيم وعمل مصلحة قضايا اختصاصات المفتي، في دور إفتاء طراقيا”. وكذلك القانون 2018/4559 التي ينص على الخروج الإجباري من الخدمة مع استكمال 67 عامًا. هذا أدى إلى تعيين نظّار في دور الإفتاء في مدينتي كسانثي وكوموتيني عندما استكمل المفتيان السابقان هذه المرحلة العمرية وبعدما تمّ رفض الاستئناف الذي تقدما به إلى مجلس الدولة في شهر يناير عام 2019.

القلق على مصير “المفتي المزيف” لمدينة كسانثي وسيناريوهات الخلافة

تتابع الحكومة باهتمام التطورات في كسانثي واحتمال، في حالة وفاة “المفتي المزيف” لمدينة كسانثي “أحمد متى” أن يتمّ السعي مباشرة إلى انتخاب خليفة له من قبل ” الدوائر المتشددة” للأقلية التي تحتفظ بعلاقات مع القنصلية التركية في كوموتيني. يتم استعراض سيناريوهات كثيرة ويتابع مكتب رئيس الوزراء كذلك الموضوع. كذلك علمت جريدتنا من مصادر مختصة، أن السلطات اليونانية تستعد لمجموعة من الاحتمالات التي تبدأ بتوتر مسيطر عليه ” مثل عام 1990″ مع انتخابات في المساجد من طرف الرجال فقط (برفع الأيادي) وصولًا إلى خيارات أكثر استفزازًا. ماذا يمكن أن تكون؟ بعض المسؤولين يتحدثون عن سيناريو انتخاب سوف يوسع الهيئة الناخبة باشتراك من هم مسجلون في القوائم الانتخابية (خطوة قريبة جدا من الموقف التركي بشأن اتفاقية أثينا التي سبق ذكرها) أو كذلك اشتراك مسؤولين محليين مسلمين (رؤساء بلديات مثلاً) أو من اللجنة الاستشارية العليا. بالطبع، إذا روفقت عملية انتخاب مباشرة بزيارات لمسؤولين أتراك، فسوف تسوء الحالة بشكل كبير.

المصادر نفسها قالت لصحيفتنا إن الطرف اليوناني يجب أن يتجنب الإجابة بطريقة قد تجمّع الأقلية وأن تنزع الطابع الدرامي عن الحالة. في الجوهر، يجب أن تتحرك أثينا في اتجاهين. أولاً، أن تسعى إلى التقليل من شأن العملية وإظهار الخلافات الداخلية داخل صفوف الأقلية. من الجوهري جدًا أن يتمّ إقرار من يمتلك الشرعية: نائب/رئيس بلدية/محافظ أو مفتٍ ؟ بالتالي من المطلوب أن يتمّ، على مستوى أوروبي، توضيح السياسة التركية باستخدام الإسلام. يُسجَل أنه لا يتم انتخاب المفتين في أي مكان في أوروبا. السؤال هو: هل تريد أوروبا خميني على أرضها ؟  يقول لصحيفتنا مصدر رفيع المستوى مطلع على تفاصيل الموضوع.

المصدر: صحيفة توفيما اليونانية

اترك تعليقاً