في شهر مارس 2019 رأى قادة اليونان وقبرص والكيان بعين الرضى دخول الولايات المتحدة بقوة في لعبة التعاون الإقليمي. أضفى حضور مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي حينها على القمة الثلاثية التي عقدت في القدس يوم 20 مارس 2019 معطى جديدًا. سمي هذا التعاون حينها 3 + 1.
الدول الثلاث رأت في وجود الولايات المتحدة معها توثيقًا قويًا للمحاولة التي بذلتها خلال السنوات الماضية. وفي المقابل كانت جوابًا صارمًا على تركيا التي كانت تحاول قلب هذا التعاون. وعلى صعيد دبلوماسي كانت تطورًا مهمًا في تلك المدة الزمنية التي كانت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب تتعامل خلالها بثقة مع الرئيس أردوغان.
بايدن يحدث التغيير
وصول بايدن إلى السلطة تبعه أمران مهمان في منطقة شرق المتوسط: الأول كان عدم تسجيل أي تطور إيجابي في العلاقات الأمريكية التركية، إذ أبقى الرئيس الجديد على مسافة بينه وبين الرئيس أردوغان. التطور الآخر كان احتفاظ بايدن بمسافة بينه وبين القيادة الإسرائيلية، الأمر الذي يؤثر على التعاون الثلاثي بين قبرص واليونان والكيان.
في لقائهم الأخير في 7 ديسمبر 2021، لمس القادة الثلاثة تغيرًا في موقف الولايات المتحدة من التعاون الثلاثي، ملاحظين عدم رغبة واشنطن في البقاء في هذا التشكيل. لهذا أرسل البيان الختامي للقاء رسالة إلى واشنطن عبر التطرق إلى هدف التعاون وهو ” خلق تحالف يهدف إلى استقرار المنطقة ومحاربة الراديكالية ودفع المصالح الاقتصادية. إن إطار التعاون ” 3 + 1 ” مع الولايات المتحدة يوضح الأهمية التي نوليها لدور الولايات المتحدة في شرق المتوسط. ونأمل في تنشيط هذا التعاون مع واشنطن… إننا نفكر في تعزيز التنسيق الدفاعي الثلاثي بيننا، وهو يشمل الحوار الاستراتيجي والتعاون في مجال الصناعات الدفاعية”.
ويبدو واضحًا أن البيان يهدف إلى استمرار واشنطن في هذا التحالف. وكان بومبيو وصف الكيان وقبرص واليونان بشركاء الطاقة والأمن في شرق المتوسط، وشدد على دعم واشنطن للتحالف.
رغبة قديمة جديدة في واشنطن
هذه المقاربة للتحالف مع دول – لواشنطن علاقات ممتازة معها – لا يبدو أن الخارجية الأمريكية الحالية تتبناها. وهذا قد يعود إلى رغبة لدى القيادة الجديدة، وهي رغبة قديمة جديدة تريد من الولايات المتحدة اختيار سياسة الاسترضاء والطمأنة فيما يخص تركيا.
وهكذا، فيما لا يُظهر الرئيس الأمريكي أي رغبة في تحسين العلاقات مع أردوغان، واصفًا إياه بالدكتاتور، وفيما مّرر الكونغرس مشروعات تؤثر سلبًا على العلاقات التركية الأمريكية، يحاولون في الخارجية الأمريكية طمأنة أنقرة عبر إجراءات أخرى.
العودة إلى السياسة القديمة لاسترضاء أنقرة ترسل رسالة مقلقة للغاية إلى الدول الثلاث لا تتعلق بتشكيل 3 + 1 وحسب، بل فيما يتعلق بمنطقة شرق المتوسط بأكملها.
المصدر: صحيفة فيليليفثيروس القبرصية.